السماء الصغيرة

في بعض الاحيان عندما تسمع او ترى او تقرأ عمل ما تشعر انك كنت تود لو انك من قام بهذا العمل وبشدة
ولهذا الشعور مراحل عديدة
لكنني عندما سمعت هذه القصيدة من المستحق الاول -في رأيي الشخصي- للقب أمير الشعراء وعبقري الكلمات
فقط عندما سمعت هذه القصيدة..... رأيتني

السماء الصغيرة

انا لي سماء
كالسماء
صغيرة زرقاء
احملها على رأسي
واسعى في بلاد الله من حي لحي
هذي سمائي في يدي
فيها الذي تدرون من صفة السماء
فيها علو
وانكفاء
وتوافق الضدين من نار
وماء
فيها نجوم شاردات كالظباء
يحلو عليها ذلك الخلق الهجين من التعالي والحياء
فيها الرياح كما هو المعتاد
وعد او وعيد
تاريخها متكرر كالصبح فيها
والمساء
لكنها كصباحها ومسائها في كل تكرار
فريد
فيها الطيور
تطير دوما للوراء
شوقا الى الارض التي قد غادرتها
لا الى الارض التي تمضي اليها
ثم حين تغادر الاخرى تكاد تموت من حزن عليها
والمدى
عشق يزيد
فيها طبول الحرب تسمع من بعيد
وكانها عند المدى رعد وليد
لكن متى اقتربت يسد صمت
وثقل في الهواء
واذا اتتها الطائرات بكل موت ازرق العينين يرفل في الحديد
تمسي السماء علي درعا واقيا
او ملجأ او خيمة
وتقول لي ودموعها في العين
فألك طيب كم مرة من قبلها جاءو وراحو يابني
هذى سمائي في يدي انا لي سماء كالسماء صغيرة زرقاء احملها على رأسي
وفيها بعض ما في اختها
فيها ملائكة قد انهمكوا باصلاح الموازين العتيقة
او مراجعة الكشوف وجدول الاسماء والانساب
والخلق فيها يرفعوت صحائف الاعمال يصطخبون بالابواب
كنز لطلاب الحقوق
مرافعات لا تضاهى في الفصاحة
كل تاريخ الخليقة ثم يسرد
ماعرفناه وما اخفاه عارفه وغيره
فما تاريخنا الا مرافعة امام الله
والشيطان ليس كما توقعناه في قفص الادانة واقفا لكن ممثل الادعاء
ويحضر الناس الادلة والشهود ليثبتو منها جدارة ادم بالسجدة الاولى
تراهم يعرضون حوادث التاريخ مثل التاجر الشامي
يعرض مالديه من حرير لم يفصله بكل حماسة
وكأنما كانت لنا في صنعة الدهر اليد الطولى
وكأن هذا الدهر لم يفسد ويصلح ما يشاء
ان السماء ككل دائرة تضج باهلها
لجب على لجب
وفي الارجاء صوت مؤذن يرتج حي على الفلاح
والجن تأتيني بتعليماتها
مثل الجرائد كل يوم في الصباح
تمضي وتتركها امام الباب
هي هكذا توحي الى
هذى سمائي في يدي
انا لي سماء كالسماء صغيرة زرقاء احملها على رأسي
كمن حمل الجريدة اراد اتقاء الشمس
رغم الموت فيها والبلاء
او كالتماثيل التي بمعابد اليونان تحملها على مضض كعمال البناء
او مثل ما رفع المؤذن بالاذان حمول تاريخ طويل
حين اوقفه على حد البكاء او الغناء
او مثلما حمل المواجع منادي نادى اهله حرف النداء
حتى اذا ماكنت وحدي
ساهرا في البيت
علقت السماء من الزوايا
ثم قلت لها حنانك امطري
فتجود لي بحروفها
حتى تغطي بالحروف على الارض
عشوائية ليست بشئ
ثم اقعد فوقها كيما ارتبها واجعلها كلاما واضحا
فاعيد تركيب البرية
وفق رغباتي وايماني
واصبح ادم الثاني
اسمي كل غزو علة كالبرد
يأتي برؤها منها
سيرحل كل غاز او سيصبح مثلنا لغة ودينا
ثوب تطريز وحبا للقصيد
واحول الشرطي انسانا كما يبدو
وليس ملخصا لمسيرة السلطان منذ الفتنة الكبرى
اعين حاكما في البال سائق اجرة
او نادلا في مطعم مثلا
وقد اعطيه اي مهنة اخرى
فان الحاكمين لهم يدان فقط
واكثر ظلمهم ظلم من المحكوم للمحكوم
بل اني اقول بانه من عهد ادم لم يكن بين البرايا حاكم ابدا
وغاية ما هنالك انه
مذ قلت الاحرار في الدنيا تظالمت العبيد
لذا فاني منذ اعوام
اطيل البحث للحكام عن عمل مفيد
واعيد تركيب الخرائط
حيث اجعل سور بغداد عقال في رؤوس الاكرمين
ونيل مصر نهر خيل تحت قوم غاضبين
وغوطة بدمشق تنبت في زمان الحرب رمحا كي يصون الياسمين
وربما قررت من اجل المزاح فقط
وجود رجال امن طيبين
يؤانسون الغول والعنقاء والخل الوفي
هذي سمائي في يدي
هذا اذا ماكنت تدري سلطة عظمى
اغير ما اشاء من الزمان على هواي
وفوق رأسي عالم هو عالمي
وسمائي الدنيا التي ليست بدنيا
وهي كالعنقاء خيم ظلها فوقي
ويحني جانباها جانبي
وهي التي في الحق تحملني وتسعى في بلاد الله من حي لحي
لكنني من مخلب العنقاء بالسفر الطويل
مشارفا جهة الوصول
اقول يا عنقاء شكرا
كل شيئا بالخيال منحتني
وجعلتني ملكا على الدنيا باكملها
ولكن
لم يزل في الصدر شيئ
فاكتبوه في الوصية
واقرأوه مرة أخرى علي
ياليت أرضا
أي ارض
أي أرض
في يدي




تميم البرغوثي

3 comments:

Unknown said...

بص بعيدا عن ان الكتابة صغيرة جدا ومتعبة بس القصيدة طبعا مش هاقدر اقول فيها رايى
ليه؟
عشان دة تميم البرغوثى يعنى وما ينفعش اعلق عليه بس فعلا القصيدة شبهك جدا مش قصدى شبه كتاباتك -مع انها فعلا شبهها- بس اللى اقصده اكتر ان راوى القصيدة شبهك .......... ربنا ينتعك بالسلامة من اسطورة مشروع التخرج وترجع من غير خسائر فى الارواح ولا الممتلكات امييييييييييييييييين

ياسر خاطر said...

معلش انا بعتذر عن الكتابة الصغيرة هاكبرها حالا اهو

مش عارف بس انا حاسس ان راوي القصيدة مش شبهي انا حاسس اني انا راوي القصيدة!!!

بس انا مستغرب انك حسيتي بكدة الصراحة كنت متوقع ان ردود الفعل تكون على ااس ان الحاجة اللي الانسان بيحبها اوي ممكن انه يوهم نفسه انه اقرب حاجة لها

وربنا يخليكي يانجي يابنتي على دعاكي دة وربنا يستر ويسهل على المشروع امين يارب

بفكر يا انجي اديكي وسام الاستحقاق في المدونة هنا انتي الوحيدة اللي قدرت تصمد الفترة دي كلها في المدونة
بس هاتبقى المشكلة في الموضوع دة اني مش عارف ايه هو وسام الاستحقاق اصلا

Ganna Adel said...

أنا بعشق القصيدة دى و الراجل ده فعلا ..

جميلة مدونتك وللأسف مش عارفة أديها حقها من المتابعة عشان زنقة الوقت و الامتحانات .. بس أكيد هاجى تانى لما أفضى

فرصة سعيدة :)